من هو بندر بن سلطان الذي يمتلأ قلبه حقد على العرب والمسلمين والذي ثبت بما لا يدع مجالا للشك تورطه في تفجيرات سوريا والعراق ولبنان. فلا يمكن ان يكون تنظيم القاعدة يعمل دون اسناد من دولة او دول غنية كدولة آل سعود حتى يستمر في جرائمه وتفجيراته وقتله وذبحه للأبرياء. ثم أين هو هذا الأمير والذي يمتلك قصورا في معظم دول العالم؟ وكيف يسمح له المجتمع الدولي والذي يحارب من اجل حقوق الإنسان في العالم ان يدرب ويجهز ويرسل المجرمين الى كل من العراق وسوريا ولبنان دون ان يطاله القانون الدولي؟ هل اصبح العالم غابة ليسرح فيها هؤلاء القتلة الحاقدون؟ ومن هو بندر بن سلطان حتى يصبح رجلا فوق القانون ولا يحاسب على ما تقترفه ايأديه من جرائم؟ حسب صحيفة "ذا ديلي بست" الأمريكية والتي كتبت مقالا مطولا عنه وصفته فيه بانه "كبير الجواسيس في منطقة الشرق الأوسط" حيث اشارت الى ان مهمته الآن هي سحق جماعة الاخوان المسلمين رغم انها جماعة سنية وانه تحالف مع اسرائيل رغم انه لا يوجد معاهدة سلام بين تل ابيب والرياض حتى الآن للعمل معها على القضاء على النفوذ الإيراني والسوري وحزب الله.
والمقال الذي كتبه كريستوفر ديكي يكشف الكثير من الحقائق بشأن حياة الأمير بندر وفيما يلي سردا لما جاء فيه: يكتب كريستوفر عن بندر فيقول انه بعد ان كان مشهورا في واشنطن بسيجاره الثمين وحفلاته الصاخبة وسحره، اصبح الآن يقاتل ايران في سورياويندد بادارة اوباما. حينما كان سفيرا لبلاده في واشنطن كم دارت من اجله النخب وكم احتسى من الكونياك الأكثر فخامة. على مدى ثلاثين عاما قضاها مرسالا للملكة العربية السعودية ومدافعا عن مصالحها وسفيرا لها، كان يقص حكايات مدهشة عن السياسيين والملوك، وكان بعضها حقيقيا بصورة مفاجأة. كانت له علاقات حميمة مع غالبية صحفيي واشنطن، فلا احد كان يضاهيه بعلاقاته الحميمة باصحاب النفوذ في المواقع العليا. ةلا احد مثله كان يملك الأموال ليوزعها بسخاء على اصدقاءه. كان هو نفسه الذي خطط لتخفيض النفط خدمة لجيمي كارتر، ورونالد ريغان، وبوش الأب وبوش الإبن. ورتب ايضا وبامر ومساعدة من مدير الس آي ايه ومن وراء ظهره الكونغرس، تمويل حروب ضد الشيوعية في نيكاراغوا وانغولا وافغانستان. كان على علاقة حميمة بديك تشيني ومقربا جدا من عائلة جورج دبليو بوش ابا واما وابناء وبنات، حتى انه بات يلقب "بندر بوش"
أما الآن فقد أصبح الأمير جاسوسا، أو بشكل ادق، كبير الجواسيس في الشرق الأوسط. هو رأس ألحربة في برنامج سعودي واسع من العمل السري والإنفاق الذي أسهم في الإطاحة بالحكومة المنتخبة للإخوان المسلمين في مصر ويسعى الى تشكيل "جيش اسلام" جديد في سوريا. وبدون فهم هذا الرجل وطبيعته فمن الصعب ان نفهم ما يجري في أكثر مناطق العالم اضطرابا.
هدف بندر ومن يعمل معهم او عميلا لهم هو اضعاف قوة ايران من خلال سلخ حلفائها بشار الأسد وحزب الله عنها. والحيلولة دون السماح لإيران بالحصول على السلاح النووي. واحباط مخططاتهم في المنطقة وخلعهم من الحكم إن امكن. ويهدف ايضا وفي نفس الوقت الى خلع جماعة الإخوان المسلمين واضعافهم مع انها تمثل منظمة سنية الا انها تناهض حكم الملوك وتسعى الى ازاحتهم من السلطة، وتتظاهر بالدفاع عن الديموقراطية مع انها تطبق الديكتاتورية. ومن خلال تحقيق هذا الهدف فان بندر اقام ويقيم علاقات مشبوهة ومثيرة للإهتمام. فعلى الرغم من عدم وجود معاهدة سلام بين دولة آل سعود واسرائيل، فقد اقام بندر حلفا غير معلن بين دولته ودولة اسرائيل ضد ايران وسوريا وحزب الله، على مبدأ القول "عدو عدوي هو صديقي"
اصبح بندر حليفا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجمعهما عداوتهما الشديدة لإيران. كتب روبرت ليسي صاحب كتاب "داخل المملكة" عن العلاقة بين الرجلين، بندر ونتنياهو واصفا ذلك بالمر الذي يبعث على الفضول ويضيف ليسي قائلا ان داخل المملكة هناك ملوك ورجال دين وارهابيون يقاتلون من اجل خدمة اهداف مملكة آل سعود. ويصف ليسي بندر في كتابه بانه نزاعا نحو التحدي ولا يؤمن بالأعراف الدولية وبارع بالإلتفاف حول القواعد بمعنى آخر "بندر انسان لا يخجل ولا يخشى من شيء"
اصبح بندر بالفترة الأخيرة كانه المتحدث الرسمي لنتنياهو حيث بات يردد ما يقوله نتنياهو ان اكبر عائق امام الإثنين لتحقيق أهدافهم سواء في ايران او لبنان او سوريا هو الرئيس الأمريكي باراك اوباما. وقد اخبر بندر بعض الدبلوماسيين الغربيين الشهر الماضي ان مملكة آل سعود قد تقوم بنقلة كبيرة تنآى بنفسها بعيدا عن التحالف القائم منذ زمن طويل مع الحليف القديم الولايات المتحدة الأمريكية. بعض المرافقين له قالوا انما قصد بذلك ان ينفس عن غضبة وانزعاجه من ادارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما. الا ان بعض متابعيه عن قرب والمطلعين على شؤون عمله، يظنون ان جزءاً من النقلة التي تحدث عنها قد تكون محاولة توطيد العلاقة مع باكستان المتسلحة نوويا، والتي كان رئيس وزرائها نواز شريف يعيش في ح� EN-US X-NONE AR-SA
ياتي تصرف بندر كرد فعل بسبب حالة الإحباط التي شعر بها هو وافراد عائلته من تصرفات اوباما حيال الأزمة السورية والتي دفع هو وعائلته بكل ثقلهما في سبيل القضاء على الرئيس بشار وجازفوا بكل مواردهم ومكانتهم من أجل تحقيق هذا الهدف والذي سيضعف ايران لو تحقق. سوريا ما تزال غارقة بدمائها وهي على مسافة قصيرة من بوابة مملكته. وها هي العراق تنزلق يوما بعد آخر نحو هاوية الحرب الطائفية والمدعومة شيعيا من قبل ايران وسنيّا من قبل آل سعود. وهنالك ايضا النزاع المدني المستمر في مصر والإنهيار الإقتصادي فيها والذي يبتلع مليارات آل سعود المنهوبة من الشعب. وعلى الرغم من ان الكثير من اللوم يمكن توجيهه للرئيس اوباما الا ان ذلك لا يبرّأ آل سعود من الجرائم في سوريا، فهم ليسوا مجرد متفرجين أبرياء. أنفق آل سعود المليارات في المنطقة من أجل بسط نفوذهم على مناطق ظنوا ان ألغرب سيساعدهم على ذلك. لكنهم حتى اللحظة خسروا كل نفوذهم بالمنطقة ولم يعد أحد يصدقهم. فالمنطقة كلها تعيش في فوضى قد يمتد لهيبها الى مملكة الشر والتي تغذي الفتنة والحروب الأهلية بين شعوب المنطقة الآمنة. حتى لبنان الصغير حجما الكبير قيمة، تمكن الإيرانيون وحلفاؤهم في حزب الله من سحب البساط من تحت أقدام آل سعود وتغلبوا عليهم وعلى رجالاتهم.
حينما تخلى بندر عن عمله كسفير لبلاده في الولايات المتحدة عام 2005، استلم منصب مستشار الملك للأمن القومي. تلك الوظيفة التي تفتقر مهام صاحبها الى تعريف واضح المعالم. كانت احدى اولى مهامه عام 2006 هي تشجيع الإسرائيليون الى المضي قدما في حربهم ضد حزب الله حتى القضاء عليه. الى ان حزب الله صمد في تلك الحرب فارضا نفسه كرقم صعب في الوضع الإقليمي وخرج من الحرب اقوى مما كان وضعه حين بدايتها. صحيح انه خرج من الحرب مضرجا بالدماء الا انه لم يركع وفرض على الإسرائيليين الإنسحاب من لبنان دون ان يحققوا اي هدف من حربهم. وكسب حزب الله مصداقية شعوب المنطقة باكملها. كانت رؤية بندر للبنان حتى ذلك الحين منحرفة بشكل عجيب حتى انه دعم ولفترة ترشيح سمير جعجع، القائد السابق لمليشيا الكتائب المسيحية المارونية المتوحشة لمنصب الرئيس القادم للبلاد.
بعض امراء الحرب من اللبنانيين الآخرين والذين عملوا بشكل مباشر مع بندر يشتكون انهم لم يعودوا يستطيعوا الوصول اليه ولا حتى عبر الهاتف. وكأنه يختفي لفترة كل حين ثم يعود ليظهر من جديد. ويقولون في لبنان ان الملك عبد الله ملك آل سعود لم يعد يرغب في سماع كلمة لبنان تذكر امامه. مصدر لبناني مقرب من كثير من المفاوضات التي تجري بالغرف السرية ذكر بان وضع مملكة آل سعود ليس على ما يرام فقد اصيبت بالهلع والخوف المبرران بسبب التقارب الأمريكي الإيراني، وتخلي اوباما عن التدخل في الوضع السوري والسيطرة الميدانية للجيش السوري على الأرض وهزيمة حلفاء آل سعود هناك. والمتتبع لما حدث من تطورات للوضع في المنطقة يكتشف بسرعة ان النقلة الكبيرة لتردي العلاقة بين السيد الأمريكي وآل سعود لم يات لأن الملك عبد الله او الأمير بندر قررا فجأة احداث خضة وغعادة ترتيب الأمور، ولكن ببساطة لأن المملكة لم تعد تمثل منطقة حيوية للولايات المتحدة كما كانت من قبل. فقد شهدت المنطقة بالأعوام العشرة الأخيرة تغيرات ضخمة في توريدات الطاقة حول العالم، الأمر الذي لم تعد معه مملكة آل سعود ولا منظمة الدول المصدرة للنفط التي كان يهابها الجميع تملك السلطة التي كانت تتمتع بها قبل عدة سنوات. فبفضل التقنيات الحديثة لإستخلاص الغاز الطبيعي من طبقات الأرض الصخرية العميقة اصبحت الولايات المتحدة الآن اكبر منتج في العالم للنفط والغاز. كما اصبحت التوريدات النفطية من خارج دول اوبيك تشكل نسبة اكبر بكثير من نسبة دول اوبيك. في الماضي كان غضب آل سعود على امريكا يترك أثرا كبيرا على اقتصادها، اما اليوم فنوبات الغضب الدبلوماسية والتي اظهروها مؤخرا والتي تعبر بشكل او بآخر عن غضبهم كانت بغير ذي قيمة ولم تلق اي اهتمام لا من قبل امريكا ولا من بقية دول العالم. بل حتى حين رفضت دولة آل سعود القاء كلمتها في الجمعية العامة في سبتمبر هذا العام وتبعته برفض تسلم مقعد في مجلس الأمن لدولة غير دائمة العضوية، قوبل ذلك بتجاهل ولا مبالاة من قبل العالم.
يقول ليسي, "طبعا آل سعود غير سعيدين، ولكن الأمور الآن تختلف عما كانت عليه عام 1973" لا بد ان بندر يتمنى الآن لو تعود الأيام على ما كانت عليه عام 1973 حين كان سفيرا لبلاده في واشنطن. فخلال 22 عاما قضاها في هذا المنصب كان سعيدا وكان عمله يتركز في صميم احداث العالم. ورغم ما يحمله بندر من لقب وبالرغم من موقع والده الراحل كوزير للدفاع لسنوات طويلة وكولي للعهد، الاّ انه كان يعاني في طفولته لانه كان ينظر اليه على انه ليس من الطبقة العليا لان امه كانت خادمه ( والبعض يقول انها كانت سوداء البشرة حملت به من والده حينما كانت في السادسة عشرة. لذلك لم يحظ باي من الإهتمام الذي كان يحظى به بقية الأمراء والأميرات. الا انه كان ذكيا جدا، ويتحدث الإنكليزية بطلاقة منقطعة النظير. وطيارا حربيا بامتياز وعلى علاقة بكافة القادة العسكريين الأمريكيين. لعب بندر دورا كبيرا في اقناع الكزنغرس الأمريكي في السبعينات من القرن الماضي بعدم الإنصياع الى الإعتراضات الإسرائيلية على بيع الولايات المتحدة طائرات مقاتلة تقدر قيمتها بالمليارات لدولة آل سعود. واصبح فيما بعد مرسالا ووسيلة تواصل بين الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وولي العهد الأمير فهد بن عبد العزيز الذي كان حينها الحاكم الفعلي لأرض الحجاز ونجد. كان الأمير فهد يدرك جيدا حجم التباين بين ارض الأحرار (الولايات ألمتحدة) وبين آل سعود. فعدا عن النفط الذي تنتجه السعودية وتستورده الولايات المتحدة، لا يوجد اي مصالح اخرى بين البلدين. كان الأمير فهد يدرك تماما انه لا يوجد اي نوع من الترابط بين البلدين لا دينيا ولا اقتصاديا ولا عرقيا ولا سياسيا ولا لغويا، وان الرابط الوحيد بينهما هو حاجة الولايات المتحدة للنفط. وكان ألأمير فهد يخبر بندر بذلك. واستطاع بندر بحنكته وذكائه ان يصل الى كبار القادة بالجيش الأمريكي عن طريق اقامة الحفلات الأسطورية. وكانت تنجز على يديه كافة المسائل العالقة بين البلدين. وكان على استعداد لعمل اي شيء في سبيل تحقيق اهدافه.
وعندما احتل الرئيس العراقي صدام حسين الكويت عام 1990 وهدد بشكل خطير مملكة آل سعود، كان بندر هو الذي مهد الطريق امام واشنطن لإنزال قواتها في ارض الحجاز ونجد لضرب القوات العراقية وتشن من هناك عملية عاصفة الصحراء والتي أخرجت صدام من الكويت. بعد ذلك وعندما قام 19 ارهابيا بخطف طائرات مدنية ليستهدفوا بها برجي مركز التجارة العالمي وسط نيويورك ومبنى وزارة الدفاع البنتاغون وحقلا في بنسلفانيا كان بينهم 15 سعوديا. كان بندر مرتبكا رغم انه حاول ان يظهر الشجاعة. فلم يستطع تبرير عدم قدرة الأجهزة الأمنية في بلاده على اكتشاف ولو شيء بسيط من الخطة. بعد ذلك بدأت ادارة بوش بالإعداد لحرب ثانية على العراق وحذر بندر من تداعياتها وبان مثل هذه الحرب ستؤدي الى تقوية ايران وهو ما حدث فعلا. يقول ليسي,"اذا كانت احداث الحادي عشر من سبتمبر قد اجهضت الخصوصية التي كانت تتميز بها العلاقة بين البلدين، فان غزو العراق قضى عليها قضاء مبرما.
استمر بندر بنقل الرسائل من الرياض الى واشنطن حتى بعد ان غادر موقعه كسفير لآل سعود في واشنطن عام 2005. وقد بدى عليه التعب والإرهاق بسبب الآلام التي يعاني منها في ظهره جراء تحطم طائرة كان يقودها اضافة الى مشاكل صحية اخرى. وعلى الرغم من انه في مطلع الستينات من العمر الاّ انه يبدو الآن أكثر هرما. حاول بندر ان يظهر انه لا زال قويا وانه قادر على القيام بالمهام الصعبة والمستحيلة، ولذلك طلب من الملك عبد اله ان يستلم الملف السوري بدلا من اخو الملك غير الشقيق ألأمير مقرن. ووعده بتحقيق الكثير في هذا المجال، الا انه لم ينجز شيئا هو الآخر.
يقول أحد الحجازيين الذين تعاونوا مع بندر عن قرب,"وظيفته تتطلب منه ان يكون قادرا على العمل أكثر من 18 ساعة في اليوم، الاّ انه بات محبطا وغاضبا وتواقا لأن ينجز امام العالم ما هو صعب ومستحيل. ولكن ليس جيدا في مجال الإستخبارات ان يكون المرء غاضبا" اليوم لم تعد صفة عدم الخجل وعدم الخوف تكفي
هذا هو بندر الذي يعتقد بانه قادر على عمل المعجزات في بلدان كانت تنعم بالأمن والأمان والسلم والرخاء قبل ان تتدخل دولته وتنشر بذور الفرقة والطائفية المقيتة وتحولها الى مفرخ للإرهاب ومسرح لعمليات القتل والدمار دون واعز ديني او خلقي او انساني.
من قلم : رشيد علي